ali ezzat
المشرف العام
روسيا وأوكرانيا: من استفاد من العملات الرقمية في الحرب؟
خضم الصراع الروسي الأوكراني، لعبت العملات الرقمية دورَا محوريَا، إذ وظف الطرفان العملات المشفرة كالبيتكوين والإيثيريوم لأسباب مختلفة وبطرق متعددة.
فمن جهة، استخدمت الحكومة الأوكرانية العملات الرقمية في تلقي التبرعات من دول ومؤسسات عالمية، ومن جهة أخرى، لاقت هذه العملات إقبالًا متزايدًا من قبل المواطنين الروس بعد انهيار سعر الروبل الروسي. كما لجأ بعضهم إليها كوسيلة لتفادي العقوبات التي فرضها الغرب على بعض المقربين من الكرملين.
روسيا وأوكرانيا: ريادة في العملات الرقمية
الدولتان كلاهما، روسيا وأوكرانيا، تصنفان ضمن الأكثر استخداما للعملات الرقمية، فوفقُا لمركز (تشينالسز) لأبحاث البلوك تشين، Chainalysis، تأتي روسيا في المرتبة الرابعة في استخدام العملات الرقمية حاليًا بينما تأتي أوكرانيا في المركز الثالث من حيث تعدين البيتكوين، العملة الرقمية الأكبر من حيث الحصة السوقية والأهمية.
وفي الحقيقة كانت أوكرانيا في المركز الأول في استخدام العملات الرقمية عام 2020، وتلتها مباشرة روسيا. ويرى التقرير الصادر عن (تشيناليسز) أن السبب في ذلك قد يرجع إلى التضخم الذي تعاني منه العملتان الرسميتان، وقلة الثقة في النظم الاقتصادية الرسمية في البلدين.
العملات الرقمية ملاذا للروس
حيث انخفض الروبل إلى مستويات قياسية أمام الدولار بنسبة وصلت إلى 40%. وفي الوقت ذاته، ارتفع معدل شراء الروس للبيتكوين بالروبل الروسي، خلال أيام، بنسبة 204%.
ولكن التمييز بين المدنيين الروس والخاضعين للعقوبات قد لا يكون سهلا بسبب صعوبة إثبات هوياتهم.
مهرب للمقربين من الكريملين
أثار ذلك مخاوف من سحب المعرضين للعقوبات لثرواتهم من خلال تحويلها لعملات رقمية، خصوصا وأن روسيا من أبرز الدول في قطاع الطاقة (النفط والغاز) التي تتطلبها بشكل كبير عملية تعدين العملات الرقمية.
وتصاعدت الانتقادات والمطالبات على إثر ذلك، لفرض رقابة أشد على تداول العملات الرقمية، لتفادي تكرار ما حدث مع فنزويلا وإيران؛ حيث تمكن بعض المدرجين على لائحة العقوبات الغربية من تجنبها عبر تهريب ثرواتهم من خلال العملات الرقمية المشفرة، بحسب التقارير.
فصرح برونو لو مير وزير الاقتصاد الفرنسي، أن الاتحاد الأوروبي سيتخذ كافة التدابير "بشأن العملات الرقمية المشفرة، والتي يجب عدم استخدامها للتحايل على العقوبات"
قبلها كان وزير التحول الرقمي الأوكراني، مايكيلو فيديروف، قد ناشد منصات تبادل العملات الرقمية وحثها على منع الحسابات الروسية، وقال "يجب ألا تكتفي هذه المنصات بحجب من عليهم عقوبات فقط، بل يجب تخريب حسابات المواطنين الروس العاديين".
جاء رد فعل منصتي بينانس (Binance)، وكوينبيس (Coinbase) الشهيرتين في تداول العملات الرقمية، سريعا. حيث حجبت المنصتان حسابات الخاضعين للعقوبات، ولكنها شددت على حق الروس الأبرياء في استمرار حساباتهم. وتم حجب أكثر من 25000 حساب روسي ممن طالتهم العقوبات.
وصرحت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي في الثاني عشر من مارس/آذار، أن هناك من تمكنوا من الهروب من العقوبات من خلال العملات الرقمية.
كما أكدت تقارير سحب بعض الروس لثرواتهم الرقمية واستثمارها في دول أخرى ذات وضع محايد بالنسبة للحرب مثل الإمارات وأستراليا. إلا أن المبالغ المهربة ضئيلة مقارنة مع الثروات المحجوزة.
يرى أحمد ساس من مؤسسة زيفاي للعملات الرقمية أن الفضل في ذلك يعود إلى خضوع منصات التداول المركزية التي تقوم بتحويل العملات التقليدية إلى رقمية، "لرقابة شديدة، مثلها مثل البنوك" ولذلك ستكون هناك صعوبات في تحويل وتهريب مبالغ ضخمة دون أن تثار الشكوك.
العملات الرقمية في أوكرانيا
الحكومة الأوكرانية تعتمد على العملات الرقمية
يصل مستوى التداولات اليومية بالعملات الرقمية في أوكرانيا إلى نحو ما يعادل 150 مليون دولار يوميًا، وفي خضم الصراع اعتمدت الحكومة الأوكرانية وكذلك منظمات المجتمع المدني على العملات الرقمية في تلقي التبرعات، فأعلن وزير التحول الرقمي الأوكراني عن فتح الحكومة لثلاث محافظ رقمية لعملات البيتكوين والإيثيريوم واليو إس دي تي.
وتبرعت منصة بينانس وحدها بما يعادل 10 ملايين دولار بعملتها الخاصة.
يقول ساس، إنه في أوقات الحرب "تثبت العملات الرقمية فعاليتها، فهي لا تتأثر بالمشاكل اللوجستية التي تتعرض لها نظم الاقتصاد الرسمي، وهي أسرع في جمع التبرعات وتختصر الوسطاء".
فكأي أي تقنية جديدة، تتطور العملات الرقمية من خلال التجربة والقدرة على الموائمة، فمثلما لعبت العملات الرقمية دورا هاما في الحرب، ربما يكون هذا الصراع نقطة تحول في مسار الاقتصاد الرقمي.