رسوم ترمب والذكاء الاصطناعي يهددان الاقتصاد العالمي

jawad ali

عضو نشيط
المشاركات
1,866
الإقامة
Turkey
1760354867223.png

صمد الاقتصاد العالمي حتى الآن أمام أعنف موجة من الرسوم الجمركية الأميركية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مع استمرار إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة، واستيعاب الشركات لارتفاع التكاليف، إلى جانب الطفرة في الذكاء الاصطناعي التي غذّت روحاً جديدة من التفاؤل في الأسواق.

لكن تهديد دونالد ترمب الأحدث بفرض رسوم جمركية ضخمة على المنتجات الصينية أثار من جديد المخاوف من صدمة إضافية للاقتصاد العالمي، وسط تحذيرات من تفاقم الديون الحكومية، وتكوّن فقاعة في أسهم التكنولوجيا.


ستهيمن هذه المخاوف على اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية الذين يتوافدون إلى واشنطن لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. كما ستتصدر خطة المساعدات الأميركية البالغة 20 مليار دولار لدعم البيزو الأرجنتيني، ومقترحات استخدام الأصول الروسية المجمّدة لصالح أوكرانيا، جدول أعمال الاجتماعات الجانبية.

ينعقد اللقاء في ظل تصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وعدم الاستقرار السياسي في دول تمتد من فرنسا إلى اليابان.



اقتصاد أكثر قتامة

في المرة السابقة التي اجتمع فيها المسؤولون في واشنطن في أبريل الماضي، كان المشهد الاقتصادي أكثر قتامة، إذ أثار إعلان ترمب عن "يوم التحرير" بفرض الرسوم الجمركية موجة ذعر في الأسواق المالية ومخاوف لدى صانعي السياسات من ركود عالمي يتسم بالرد التجاري المتبادل، وارتفاع التضخم، وجمود الاستثمارات.

غير أن معظم المفاجآت خلال الأشهر الستة الماضية كانت إيجابية، خصوصاً في أكبر اقتصاد في العالم.

نما الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربع الثاني بأسرع وتيرة منذ نحو عامين. ورغم أن تهديدات ترمب الجديدة بالرسوم الجمركية هزّت الأسواق يوم الجمعة، إلا أن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ارتفع بنسبة 32% منذ أدنى مستوياته في أبريل. وتتلقى الأسهم والاقتصاد الحقيقي الدعم من الذكاء الاصطناعي والاستثمارات القياسية في مراكز البيانات اللازمة لتشغيل الحوسبة السحابية.

تمكنت الشركات حتى الآن من التعامل مع اضطرابات الرسوم من خلال زيادة المخزونات على المدى القصير وقبول هوامش ربح أقل بدلاً من تمرير تكاليف الرسوم الأعلى إلى المستهلكين.

قالت أستاذة الاقتصاد في جامعة "هارفارد" وزميلة "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي"، كارين دينان، خلال إحاطة الأسبوع الماضي: "هذا الصمود كان مرحباً به، لكنه غير مستدام. سنشهد تباطؤاً في الاقتصاد العالمي".

يوم الجمعة، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيفرض رسوماً إضافية بنسبة 100% على الصين بدءاً من الأول من نوفمبر، مع إقراره بأنه قد يتراجع عن التصعيد إذا ما تخلّت الصين عن تهديداتها بفرض قيود على المعادن النادرة.

تشير أحدث تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس" إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي العام المقبل، إذ يرى الخبراء أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيرتفع بنسبة 3.2% في عام 2025، وهي نسبة لم تتغير عن العام السابق، قبل أن تتراجع إلى 2.9% في العام التالي.

تصاعد الديون

من المتوقع أن يحتل تصاعد الديون في الاقتصادات المتقدمة والناشئة على السواء موقعاً بارزاً في مناقشات واشنطن، حيث ارتفع الدين العالمي بأكثر من 21 تريليون دولار في النصف الأول من العام إلى مستوى قياسي يقترب من 338 تريليون دولار، وهو حجم زيادة مماثل لما شهده العالم خلال الجائحة، وفقاً لمعهد التمويل الدولي.

كما ستكون جهود إدارة ترمب لدعم الاقتصاد الأرجنتيني قبل الانتخابات النصفية المقررة هذا الشهر من أبرز الموضوعات المطروحة، إذ وافق صندوق النقد الدولي في أبريل على إقراض الأرجنتين مبالغ إضافية رغم اعتراضات داخلية واسعة، وتشارك مديرته العامة كريستالينا غورغييفا في محادثات حديثة مع مسؤولين من الولايات المتحدة والأرجنتين.


أظهرت بيانات سوق العمل الأميركية نمواً أقل بكثير من المتوقع مع تباطؤ وتيرة التوظيف، بينما فقد قطاع التصنيع وظائف لأربعة أشهر متتالية. كما واصلت مؤشرات نشاط المصانع في الصين تراجعها للشهر السادس على التوالي في سبتمبر، وهي أطول موجة هبوط منذ عام 2019، في حين انكمش الاقتصاد الألماني بنسبة أكبر من التقديرات الأولية خلال الربع الثاني، وتكابد مصانع السيارات الألمانية المعتمدة على التصدير ضغوطاً متزايدة.


تباطؤ التجارة العالمية

أشارت منظمة التجارة العالمية في السابع من أكتوبر إلى أن نمو التجارة العالمية في السلع سيتباطأ بشكل حاد العام المقبل، متوقعة أن ترتفع أحجام تجارة السلع بنسبة 0.5% فقط في عام 2026 مقارنة بـ2.4% هذا العام.

قال فريدريك نيومان، كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي في "إتش إس بي سي" في هونغ كونغ: "العوامل المعاكسة التي تواجه الاقتصاد العالمي تزداد قوة. بينما من المغري الاعتقاد بأن أحجام الصادرات العالمية ستظل بمنأى عن الرسوم الأميركية، لكن التأثير المؤجل من الاندفاع المسبق للطلبيات يبدو حتمياً".

تبقى إحدى أكبر التساؤلات حول ما إذا كانت الأسعار المرتفعة ستقوّض في نهاية المطاف إنفاق المستهلك الأميركي، بما لذلك من انعكاسات على العالم أيضاً. فبينما كان تأثير الرسوم على النشاط الاقتصادي العالمي أقل وأقصر مما كان متوقعاً في وقت سابق من العام، "لا يزال هناك ما هو قادم"، بحسب ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين العالميين في "سيتي غروب".

كتب شيتس وزملاؤه في مذكرة حديثة: "الرسوم الجمركية تزداد إيلاماً، ومن المرجح أن تؤدي إلى مزيد من الضعف في الاستهلاك الأميركي والطلب على الواردات"، متوقعين أن يتباطأ النمو العالمي إلى أقل من 2% في النصف الثاني من العام، قبل أن يرتد إلى 2.5% في العام المقبل.

يرى ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة "يوريزون إس إل جي كابيتال" (Eurizon SLJ Capital)، أن صدمة الرسوم الجمركية قد تستغرق ما بين ستة إلى ثمانية فصول لتؤثر على الاستهلاك وتدفع النمو الاقتصادي الأميركي نحو الصفر، بناءً على الصدمات السابقة لأسعار الواردات.

صدمات الرسوم الجمركية

كتب جين في مذكرة: "تم امتصاص صدمات الرسوم في سلسلة من زيادات أسعار الواردات بنسبة 2% في كل مرة، بدلاً من صدمة واحدة ضخمة بنسبة 13%".

من بين المحذرين من أن صدمة الرسوم لم تنتهِ بعد، مايك براندريدج، مدير شركة "أكمي فود سيلز" (Acme Food Sales) في سياتل، التي تستورد مواداً غذائية مثل التونة المعلبة ومياه جوز الهند من مختلف أنحاء العالم لتزويد سلاسل التجزئة الكبرى في الولايات المتحدة.

حتى الآن، تحمل جزءاً من الزيادة في التكاليف ونقل جزءاً آخر إلى المستهلكين، لكنه يحذر من أن موجة ارتفاع الأسعار قادمة لا محالة.

قال: "أمور قليلة في الحياة مؤكدة، لكن يمكنني أن أؤكد أن الأسعار على رفوف المتاجر ستزداد. لا مفر من ذلك".

هشاشة قطاع التكنولوجيا

تتمثل مخاوف أخرى على المدى القريب في احتمال انقلاب موجة الحماس حول الذكاء الاصطناعي.

قالت كريستالينا غورغييفا، مديرة "صندوق النقد الدولي"، في خطاب ألقته الأربعاء: "القيم السوقية اليوم تقترب من المستويات التي شهدناها خلال موجة التفاؤل بشأن الإنترنت قبل 25 عاماً"، في إشارة إلى فقاعة "الدوت كوم" التي انفجرت عام 2000. وأضافت: "إذا حدث تصحيح حاد، فقد تؤدي الأوضاع المالية الأكثر تشديداً إلى تباطؤ النمو العالمي وكشف نقاط الضعف، وتجعل الأوضاع أكثر صعوبة بالنسبة إلى البلدان النامية".

في سيناريو وضعته "أوكسفورد إيكونوميكس" (Oxford Economics)، قد يؤدي تباطؤ في قطاع التكنولوجيا الأميركي إلى دفع أكبر اقتصاد في العالم نحو حافة الركود، ويخفض النمو العالمي إلى 2% في عام 2026 بدلاً من 2.5% في التقديرات الأساسية، مع احتمال أن تكون الخسائر أكبر.

لهذا السبب، يركّز الاقتصاديون بشكل متزايد على رصد نقاط الضعف في قطاع التكنولوجيا إلى جانب حالة عدم اليقين المستمرة المرتبطة بالرسوم. وترى أليكسيس كرو، كبيرة الاقتصاديين في شركة "بي دبليو سي" (PwC) في الولايات المتحدة، أن الطفرة في الذكاء الاصطناعي لا تضمن بالضرورة نمواً مستداماً على المدى الطويل.

قالت: "لا يزال الحكم معلقاً حول ما إذا كانت هذه الطفرة الاستثمارية ستؤدي فعلاً إلى تحسينات مستدامة في الإنتاجية وبالتالي إلى ارتفاع ملموس في النمو".
 
عودة
أعلى